Translate

الثلاثاء، فبراير 28، 2012

يوم آخر في الحياه

اليوم  .. أتنفس الصعداء
فها قد مر عامي الأول
ها قد مر عام من العناء
كنت أعد الدقائق والثواني
وكأنه يمضي على استحياء
تعجبت لإستمرار الحياه
فقد كانت مليئة بالشقاء
فلا وقوف ولا إنتظار
إلا للبشر البلهاء
وكنت يوماً أحدهم
كنت يوماً مثلهم
ظننتها فتاه حسناء
وأبحرت في ظنوني
فوجئت بها حرباء
وضعت في صحراء
عام مَر على حديث مُر
عام مر منذ آخر لقاء
قالت لي أنا لست لي
وأن ظهوري يغدو خفاء
وأن الحب في زماننا
قصص وحكايات وأنباء
وأن الورد إلى ذبول
وأن العمر إلى فناء
ففاضت عيناي بالدمع
وظللت في هذه الأثناء
أبكي وأرثي حالتي
وأشدو حزين الغناء
ومر العمر وزال المُر
وعاد العطر في الأجواء
وعاد الطفل يشدو
والبسمة سر البناء
واللون الأسود في عقلي
صار ياسمينة بيضاء
فواح العطر بعيد المدى
ينثر عبقه في الأرجاء
مر العام ولازلت أعيش
مر العام وأنا في هناء
وذهب الماضي بلا عودة
وظللت أنا على الوفاء
وقالت الدنيا أنت لي
وأنا لك ألبي النداء
وسيمضي العمر دائماً
يومان في فرح ونصف يوم بكاء
حينها فقط أصبحت حراً
وصارت الحياه لي طلاء
ومضيت للإنسانية أدعو
فصرت دائماً في بهاء
فللإنسان أنا أعيش
وللإنسان دوما الثناء

السبت، فبراير 25، 2012

مسافر


أشرقت الشمس إعلانا بميلاد يوم جديد
أرسلت آشعتها لتدفئ وتنير الدنيا
يعكس البحر بعضها ويترك آخرى تنساب لتضيء قاعه
ينظر المسافر ويأمل أن تمر رحلته هذه المرة بسلام
تشق السفينة طريقها في البحر بمهارة تنم عن خبرة في السفر
يتأمل المسافر ولسان حاله يصف عظمة هذا البحر
لما يحمله من حياه .. ومن أسرار
يتعجب .. كيف للبحر أن يغرق حجارة صغيرة .. ويحمل سفينة كبيرة !!
تستمر الرحلة .. ينظر المسافر للأفق .. يستنشق الهواء
تتوارد على عقله الذكريات والخواطر
يتذكر أولى مرسى قام بالوقوف عليه
يتذكر كيف استقبله أهل المكان بالورود
يغمض عينيه ويسبح في ذكراه
البسمات .. الهمسات .. الرقص على الطرقات
الغناء .. البكاء .. اللعب في الخلاء
الغدر
إنقضت الوحوش على عربة الذكريات
قتلت الكبير والصغير .. ونهبت الكنوز
فتح المسافر عينيه متألماً
آلمته المشاعر .. وآلم عينيه ضوء الشمس القوي
لطالما كانت الشمس مناراً للمتخبطين
أو يد تصفع الغافلين
تستمر السفينة في سيرها
أو تخبطها
ولا يزال المسافر يأمل في الوصول إلى مرسى جديد
يتذكر مرة أخرى .. ثاني وثالث ورابع مرسى يقف عليه
يتذكر الوجوه .. الدموع .. الأشلاء
إنكسار القلب .. في كل مرسى
يرفع رأسه إلى السماء مغمض العينين
يستنشق الهواء النقي ويملأ رئتيه
يفتح عينيه فيلمح ما يسر ناظريه
طيوراً تحلق في الأفق
تحمل أملاً جديداً .. في مرسى جديد
يتسلق السارية ويفتح المنظار
ويرسل نظره للأفق البعيد
تتهلل أساريره .. وتتجدد أحلامه
اليوم مرسى جديد .. فهل يكون الأخير ؟؟

الجمعة، فبراير 24، 2012

آدم

تنويه : آدم المذكور في القصة ليس أنا .. إنما هو شخصية من وحي خيالي البحت .. وأي تشابه بين أحداث القصة وبين أي وقائع أخرى فهي من محض الصدفة


"آدم" .. شاب عشريني يانع .. يعيش مع أمه "دنيا" .. يسكنون في شقة في الطابق الأرضي في مبنى مكون من سبعة طوابق بلا مصعد والموجود في أحد الأحياء الشعبية المشهورة .
هجر أباه المنزل لسبب مجهول منذ أن كان في الرابعة من العمر .. تركه وحيد العائلة .. لا أخوة .. لا أقارب .. مقطوع من شجرة كما يقول المثل العامي .. لم يرث عن أبيه سوى الشقاء والفقر .. وأم – رفضت الزواج لتربية الطفل - مريضة بداء السكري تحتاج إلى حقنة الأنسولين في ميعاد منتظم مما يزيد الأمور شقاء على شقاء .
كل ما يتذكره "آدم" عن طفولته لا يتعدى مجرد صور في الذاكرة عن فترة حياته قبل رحيل أبيه .. " لعبة القطار .. الاستحمام في البانيو .. أكل الحلوى في خلسة .. فانوس رمضان واللعب به مع أطفال الجيران" ... ذكريات تأتي كلمحة سريعة لا يستطيع ربطها ببعض .. مجرد لمحات حياتيه قديمة .
يدرس "آدم" بكلية الحقوق في الفرقة الثانية للمرة الثالثة على التوالي .. ليس ذلك لضعف ذكائه ولكن لجدالاته المستمرة مع أساتذته بالكلية والذين يغضبون من فكرة المناقشة مع طلابهم من الأصل .. فكل همهم هو إلقاء المحاضرة كسكب الماء في الإناء .. يفتحون عقول الطلاب ويصبون من لعنات العلوم كلاماً نظرياً يحفظ في العقول كالمخللات في الأوعية الزجاجية .
ثورجي .. هكذا أطلق عليه زملاءه في الكلية .. ببساطة يرفض السكوت.. الساكت عن الحق شيطان أخرس .. شعاره دائماً .. لذلك يتعمد الأساتذة رسوبه  في المواد المختلفة .. يشعر بالظلم والمهانة .. ويقدم الشكاوى لعميد الكلية مراراً وتكراراً .. ولا حياه لمن تنادي .. يظل الظلم كابوساً قابعاً على الأنفس .. ويظل الحال كما هو .. وكأن لا عدل في الدنيا بأسرها .
يعمل "آدم" بجانب دراسته - لكي يوفر قوت العائلة الصغيرة – مندوب مبيعات بإحدى شركات التليفون المحمول بأجر يساوي فتات مقارنة بما يقبضه أقل موظف تم تعيينه ب"واسطة" في الشركة في حين أن "آدم"– كمندوب مبيعات – يبذل أضعاف المجهود حيث يقطع المدينة ذهاباً وإياباً يوميا للمرور على متاجر المحمول وعرض سلعته عليهم .. ولكن في خضم المنافسة الشديدة بين الشركات .. تأتي شركته في المقام الأخير من حيث الأسعار والعروض وبالتالي تستحيل مهمته المستحيلة أصلا لما بها من تعقيدات أخرى كثيرة .
عاش "آدم" محافظاً على وصية أبيه – الذي لا يذكر شكله أصلاً – والتي تتلخص في الخطاب الذي تركه قبل أن يرحل ومضمونه : " عزيزي آدم .. يا فلذة كبدي .. تركتك وأنا في قمة الأسى لذلك .. ولكن صدقني كان هذا لصالحك أنت وأمك .. أحبك .. أحبك أكثر مما أحببت أي شيء في هذا الكون بأسره .. لقد تركت العزيز الغالي من أجلك .. تركتك أنت من أجلك .. أنا أكثر حباً لك من نفسك .. قد لا تراني .. لكني أراك .. وسأظل دائماً أقرب إليك من أي شيء في الدنيا .. كل ما أطلبه منك أن تذكرني بالخير ..وأنا تتذكر دائماً أنني سبب وجودك في الدنيا .. وأنني أنجبتك لأني أحبك .. تذكرني دائماً وأذكرني في كل مواضعك .. وأعدك بأنه سيأتي اليوم الذي سأعوضك فيه عن كل الشقاء الذي ستعانيه .. يوماً ما غير معلوم .. يوماً في علم الغيب .. سنكون معاً من جديد .. نعيش في مكان أجمل بكثير من مكانك الآن .. حيث تنعم فيه للأبد وتنسى كل معاناه ذقتها في حياتك .. ولكن .. حاذر أن تلعب أمك بعقلك وتجعلك تكرهني أو تبعد عن ذكري .. وقتها لن يكون هناك لقاء من جديد .. ولتظل بشقائك إلى أبد الآبدين .
وتذكر دائماً .. أني أحبك. "
رسالة غريبة جدا وجدها بين صفحات إحدى كتب والده القديمة لم يجد لها أي تفسير .. غير أنه ينفذ ما قاله أباه حرفياً .. دائماً يتكلم عنه بالخير .. دائماً يصفه للناس وهو لم يره من الأساس .. لكنه فعلاً أحبه .. غريب جدا أن يحب من لم يره في حياته إلا في طفولته المنسية .. لكنه حدث فعلاً .
وفي يوم من الأيام .. أحست "دنيا" بدنو أجلها فنادت على "آدم" وقالت له : آدم يا ولدي .. الآن وقد كبرت وأصبحت تحمل المسئولية .. لا بد وأنا أقص عليك قصة أبيك الحقيقية .
انتبه "آدم" لكلام والدته .. أخيراً سيعرف الحقيقة
أكملت "دنيا" : استمع لي جيداً يا ولدي .. في يوم من الأيام .. وكان ذلك منذ اثنين وعشرون عاماً .. وأثناء عودتي المتأخرة من عند إحدى صديقاتي .. سمعت بكاء طفل وليد .. بحثت عن الصوت كثيراً حتى وجدتك ملقى بين الزروع .. عاري تماماً ولا حتى لفة قماش تحميك من البرد .. أخذتك في حضني وآويتك .. لم أهتم كثيراً بأن أبحث عن أهلك .. فلو كانوا يريدونك ما ألقوك في غيابات الزرع .. احتضنتك دائماً .. رعيتك ووفرت لك كل متطلبات الحياه بقدر ما استطعت .. كنت لك الأم والأب والأهل والأصدقاء .. كنت كل ما تحب .. وعلى الرغم من ذلك فقد وجدتك وقد نضج عقلك وبدأت تسأل الأسئلة الوجودية الذكية .. بدأت تسأل كيف جئت إلى الدنيا .. وبدأت تسأل عن أبيك .. وكان لابد وقتها من نسج قصة وجودك كي أريح بالك .. فقمت بكتابة تلك الرسالة التي وجدتها أنت كما خططت أنا .. وقد كان أنك فعلا صدقت الرسالة الوهمية التي هي من خيالي أنا .
كل هذا و"آدم" مذهول مما يسمعه .. مصدوم .. يكاد لا يصدق .
قالت "دنيا" : سامحني يا آدم .. كان هذا ضروريا لكي أخلق لك سبباً لتعيش من أجله .. وأصلاً تستند عليه .. لم أرد أن أشعرك بالنقص بين أقرانك .. سامحني يا بني .
أطرق "آدم" رأسه في الأرض حزيناً .. ولسان حاله يقول : لو كان ما تقوله أمي صحيحاً .. فمن يكون والدي .. ومن يكون أهلي ... وماذا أكون أنا ؟؟؟؟
كيف وجدت في هذا المكان ؟؟ وكيف هان على أهلي إلقائي وأنا وليد محتاج حضن أنمو فيه ؟؟
هل أبي وأمي من هذه المنطقة أم من منطقة أخرى .. أم من خارج الدولة كلها ؟؟؟
هل يفكرون بي الآن ؟؟ هل يتمنون رجوعي إليهم ؟؟
هل يحبونني ؟؟
هل يريدونني ؟؟
هل أنا فعلاً لقيط ؟؟
ترك "آدم" أمه "دنيا" وخرج من المنزل بأكمله وهام على وجهه في الشوارع يفكر في كل هذا الأسئلة
فكر في حياته التي ذهبت هباء في وهم .. في أب غير موجود .. وفي أم غير حقيقية .. وفي حياه من أجل هدف زائف .
هل تنتهي حياته عند هذا الحد .. أم تستمر ؟؟
وإذا أكمل .. لم ؟؟ لم يكمل طريق لا يعلم نهايته ؟؟
طال مسير "آدم" حتى مطلع الفجر .. راقب السماء ونظر إلى القمر .. تدريجيا تظهر الشمس وتحجب ضوء القمر .. يختفي القمر نهائياً .. تشرق الشمس وتغطي الكون كله بنورها .. ينظر "آدم" ويبتسم .. وقد وصل إلى ما يجب عليه فعله .

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة